"بعد أن بدأ النصارى بالإساءة للمقدسات الإسلامية في الشرق والغرب، ها هم المسلمون يردون الصاع صاعين"، هذا ما قاله الحاج عبد الصبور، أحد المسلمين المتقين، أما جرجس أحد رجال الكنيسة المتحمسين فأخذ يتوعد غاضبا في حشد من الناس "لن تمر هذه الفعلة الشنعاء مرور الكرام، إلا على جثتي، أشهدكم والمسيح على هذا"، لكن، كيف بدأت هذه الحرب المعلنة بين الطرفين في لبنان، ومنذ متى؟!، تلك قصة طويلة، فأعيروني أسماعكم لحظات.
قبل أيام كانت لبنان على وشك أن تثوب إلى رشدها، وأن يتسامح الإخوة، ويعود العسكر إلى ثكناتهم بعد القضاء المبرم على جماعة فتح الإسلام، وخاصة أن نبيه بري قد دعا إلى عقد جلسة لمجلس النواب لاختيار الرئيس الملهم، الذي سيحول تراب لبنان إلى ذهب، وسياستها المتعرجة إلى سياسة موحدة، غير تابعة لشرق أو غرب، وقد رضي كل الفرقاء بذلك.
لكن هل سيرضى المتطرفون، هل سيوافقون على الهدوء بعد العاصفة، ليفقدوا كل مكتسباتهم، كلا وألف كلا، لذا ولأول مرة في لبنان، تتحد جماعات سنية وهابية وشيعية متطرفة على هدف واحد، فكان هذا الاجتماع السري في أحد الأقبية تحت الأرض.
قال عمر بنبرة غاضبة: لايمكن، مستحيل أن نترك البلاد تحت رحمة النصارى والعلمانيين، علينا أن نفعل شيئا.
أجابه حسين: معك حق يا صديقي، لو هدأت الأمور، فإن الأمور ستفلت من أيدينا.
"والحل؟!"، قال عمر، فكر حسين قليلا، ثم فكر وقدر، ثم قال "الحل عندي"، وصفق بيديه بطريقة ذات معنى ففتح الباب لتدخل ست الحسن والجمال، هيفاء وهبي، سلاح المسلمين السري.
فرك عمر عينيه، فهو لأول مرة يرى الجمال هكذا عن قرب، أما حسين فقال لهيفاء مخاطبا إياها برقة لا تتناسب ومقاييس لحيته الطويلة: المسلمون بحاجة لك يا هيفاء.
عندها ابتسمت برقة، وقالت هيفاء بغنج : واوا، طوع أمر المسلمين أنا، فأنا مسلمة أبا عن جد، وأصوم شهر رمضان.
هكذا بدأت الحكاية كما يقول العارفون ببواطن الأمور، ولم يكد يمضي أسبوعان حتى كانت هيفاء وهبي قد انتهت من تصوير الفيديو كليب لأغنيتها الجديد، والتي أظهرت فيها الصليب، إمعانا منها في الاستهزاء بقيم ومقدسات الآخرين نصرة لدينها وبني قومها.
ظهرت عقب ذلك تفسيرات كثيرة، فقيل أن أسامة بن لادن شخصيا قام بتمويل الأغنية، أما مؤلفها فيقال والله أعلم بأنه أحد الشخصيات البارزة في قناة المنار التابعة لحزب الله، ومخرج الأغنية حمساوي قح، والمعلومة الأخيرة أستطيع تأكيدها بضمير مستريح، والدليل على ذلك أن المفاوضات التي كانت على وشك أن تبدأ بين فتح وحماس توقفت لأجل غير مسمى، ففتح لا توافق على الإساءة للديانات الأخرى، ومعروف عنها في الأوساط السياسية اعتدالها ووسطيتها.
بعد ذلك في إحدى البلاد الإسلامية، قال الرئيس عنترة بن شداد وهو راقد على فراش الموت مخاطبا مفتي الديار: أدعو الله لي يا شيخ كي يغفر لي، ويتقبل حسناتي ويتجاوز عن سيئاتي، فدعا له المفتي بما تيسر، واستلم دفتر الشيكات وخرج.
في المساء عندما قابل تلميذه النجيب قال مفتي الديار : هل لعنترة بن شداد حسنة واحدة فتشفع له، لا أظن ذلك أبدا، ليته فعل مثل هيفاء وهبي، فهذه على الرغم من ماضيها الأخرق إلا أن لها حاضرا مشرفا، بأغنية واحدة فقط، ردت السهام عن الأمة الإسلامية.
هكذا بدأت الحرب الشرسة في الصحافة والإعلام وعلى شبكة الإنترنت، بين المسلمين والنصارى، ويقال أن نانسي عجرم وهي مسيحية مخلصة، تعد لأغنية جديدة سترد فيها على إساءات هيفاء وهبي.
مسعود عبد الهادى
موضوع: هيفا وزمن الفتوحات 
